Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the naturalife domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /var/www/vhosts/ataarelief.org/ataabalsam.com/httpdocs/wp-includes/functions.php on line 6114
عطاء البلسم - العلاقات الإنسانية في أجواء العمل

العلاقات الإنسانية في أجواء العمل

بقلم د. دجانة بارودي
هل تصنع البيئة الإنسان أم أن الإنسان من يصنع البيئة؟ سؤال طرحته على نفسي عندما زرت إحدى البلاد العربية بعد طول انتظار وشوق لرؤية آثارها العظيمة، ذهبت وفي طريقي تأسفت وحزنت لسوء ما رأيت من استغلال ومشاكل وفوضى وغش وتلوث بيئي وحضاري وفكري بين الناس لفت نظري بشكل غطى تماما عن روعة تلك الآثار. وعدت إلى بلد إقامتي ومازلت أبحث عن الجواب الشافي لسؤالي إلى أن جائتني إحدى الموظفات في مكان عملي تشكي زميلة تعتبر من أعز صديقاتها وعلاقتهما دامت لأكثر من عشر سنوات. أثناء استماعي لشكواها وجدت جواب سؤالي لأن بيئة ومجتمع العمل عبارة عن نموذج مصغر للعالم الخارجي. وطبعا وكعادتي بدأت بتحليل سؤالي تحليلا نفسيا واجتماعيا ليتحول إلى، هل تصنع بيئة العمل الإنسان وعلاقاته الاجتماعية أم أن الإنسان هو من يصنع بيئة العمل؟ هل تتأثر علاقات الأصدقاء إذا تم الاجتماع في مكان عمل واحد؟ ما الأسباب وكيف ممكن تقليل هذه الآثار؟
من المعروف في علم النفس الاجتماعي أن هناك علاقة طردية بين ازدياد الإنتاجية في العمل وجودة العلاقات الإنسانية؛ فكلما كانت العلاقات الإنسانية في العمل جيدة كلما كان الأداء الوظيفي أجود، والعكس صحيح. ومن المعايير التي تدل على جودة العلاقات الإنسانية في العمل المشاعر الإيجابية وحب المشاركة والتواصل الجيد، والذي يسئ إليها مشاعر الخوف والتهديد وحب السلطة والسيطرة. وتبقى علاقات الأصدقاء جيدة في بيئة العمل إلى أن تتأثر بأحد العوامل التالية:
أولا: تأثر المنفعة المتبادلة حيث تكون العلاقة غير متساوية على أساس تقديم الجهد والوقت من طرف أكثر من الآخر بما قد يشعر بالإحباط او الاضهاد او الاستغلال وبالتالي عدم صلاح هذه العلاقة.
ثانيا: برود المشاعر بسبب تصرفات تافهة تتراكم مع الزمن كنتيجة للقاء الروتيني اليومي وما يصاحبه من معايشة الآخر بكل حالاته النفسية وتقلباته المزاجية، مع غياب التفهم وتقدير تلك الحالات والتقلبات.
ثالثا: تضارب المصالح الشخصية والتنافس غير المحمود لنيل رضا رؤساء العمل وإظهار الذات وما ينتج عنه من الترفع وظيفيا أو الحصول على منافع مادية.
رابعا: الغيرة من نجاح الآخر أو ارتفاع مستوى انتاجيته وتميزه مع عدم القدرة على مجاراته بالإضافة إلى حب التميز غير المحمود الذي يكون بالتركيز على إظهار فشل الآخر.
خامسا: ضعف التواصل الجيد وقلة الحوار الصريح وذلك للعمل على حل أي خلافات مع عدم القدرة على التفرقة بين المشكلة والشخص وبالتالي السماح لأن تتحول المشاكل من السلوكيات والأداء الوظيفي واختلاف الآراء إلى الأشخاص. ​
الصداقة في اجواء العمل
سادسا: سمات الشخصية التي تكون بسبب تغليب الكبرياء أوضعف الثقة بالنفس أو حتى استسلام الشخص ليكون كضحية عند رفضه تصحيح خطأه، او السماح للمواقف المؤلمة ان تمر دون تفسير أو السماح للانفعالات الناتجة عن خلافات في العلاقات الشخصية بأن تمزق الشخص من الداخل.
سابعا: الارتباط الشخصي ومعرفة الظروف الخاصة التي قد تزيد حساسية العلاقة عند نشوء أي خلاف.
وهذه كلها عوامل تؤثر في بيئة العمل وترتبط بالنفس البشرية يكون للإنسان دورا هاما في تحسينها إذا زاد وعيه الذاتي وسعة إدراكه ورغبته في النجاح والإنجاز وتحقيق الأهداف والأهم من هذا هو رغبته في خلق جو عمل صحي يغلب فيه حب ال "نحن" عن تفضيل ال"أنا".
وبدلا من بحثي عن متعة النظر إلى الآثار العظيمة وجدت متعتي بقراءة أثر الرسول صلى الله عليه وسلم والآثار التي وصلتنا عن العلاقات الإنسانية بين الصحابة التي فيها من الربانية والروعة والجمال ما يغني عن رحلة سياحية تصيب بالحزن عند ملاحظة سوء العلاقات الإنسانية التي نتجت بسبب الابتعاد عن الربانية في التعامل وتغليب حب الذات والمصالح الشخصية عن كل شيئ آخر. لأصل إلى جواب عن سؤالي بأن البيئة والإنسان مترابطان ويؤثران على بعضهما إما سلبا أو إيجابا. يرتقيان ويسموان فقط عند الارتباط والتعلق بالله والعيش لله وحده. وإلى أن نصل إلى هذا السمو بالفكر والقناعات يبقى أثر البيئة واضحاعلى صناعة الإنسان وأثر الإنسان ملموسا بصناعة البيئة بما يمليه هوى النفس.