الإرشاد الجمعي هو أحد أنواع الإرشاد النفسي الذي يهدف إلى مساعدة مجموعة من المسترشدين الذين يتشاركون في مشكلة أو حاجة مشتركة، ويتم ذلك من خلال جلسات جماعية تتيح لهم التفاعل والتواصل والتعلم من بعضهم البعض. يقوم المرشد بدور الميسر والقائد والمثال للمجموعة، ويساعدهم على تطوير قدراتهم وحل مشكلاتهم بطريقة إبداعية وفعالة.
الإرشاد الجمعي هو أحد أنواع الإرشاد النفسي الذي يختلف عن غيره من الأنواع بعدة جوانب، منها:
- عدد المستفيدين: في الإرشاد الجمعي، يتم تقديم الخدمة الإرشادية لمجموعة من المسترشدين (عادة مايتراوح عددهم بين 6 إلى 12 شخصاً)، بينما في الإرشاد الفردي، يتم تقديم الخدمة لشخص واحد فقط.
- نوع المشكلة: في الإرشاد الجمعي، يتم اختيار المسترشدين بحسب مشكلة أو حاجة مشتركة بينهم، مثل التوجيه المهني، أو التغلب على التوتر، أو تحسين المهارات الاجتماعية.
بينما في الإرشاد الفردي، يتم التعامل مع مشكلات أكثر تعقيداً وتفرداً لكل شخص
- طبيعة التفاعل: في الإرشاد الجمعي، يتم تشجيع التفاعل والتواصل والتعلم المتبادل بين أفراد المجموعة، ويقوم المرشد بدور الميسر والقائد والمثال للمجموعة.
بينما في الإرشاد الفردي، يتم التفاعل بين المسترشد والمرشد فقط، ويقوم المرشد بدور المساند والمحفز والناصح للمسترشد.
- طول المدة: في الإرشاد الجمعي، تكون جلسات الإرشاد محدودة زمنياً (عادة ما تستغرق ساعة إلىساعتين) وعددياً (عادة ما تكون من 8 إلى 12 جلسة). بينما في الإرشاد الفردي، تكون جلسات الإرشاد أطول وأكثر مرونة، وتستمر حسب حاجة كل شخص.
هناك العديد من الفوائد لاستخدام الإرشاد الجمعي، مثل:
- تقديم دعم اجتماعي ونفسي للمسترشدين من خلال تبادل الخبرات والآراء والمشاعر مع أفراد المجموعة.
- تحسين مهارات التواصل والتفاوض والتعاون والانسجام مع الآخرين، وزيادة الثقة بالنفس والاحترام المتبادل.
- توفير فرصة للتعرف على ذاتهم وأنماط سلوكهم وانفعالاتهم، وتقبل نقاط القوة والضعف في شخصياتهم.
- تحفيز التفكير النقدي والإبداعي، وتطوير حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات التي تواجههم.
- تخفيض التكاليف المادية والزمنية للإرشاد، مقارنة بالإرشاد الفردي.
هناك أيضاً بعض التحديات التي قد تواجه الإرشاد الجمعي، مثل:
- صعوبة تكوين مجموعة متجانسة ومتناسقة من المسترشدين، وضبط عددهم وانتقائهم بحسب معايير محددة.
- صعوبة إدارة المجموعة والتحكم في سير الجلسات، خصوصاً في حالة حدوث صراعات أو خلافات أوانحرافات بين أفراد المجموعة.
- صعوبة تقديم خدمة إرشادية فردية لكل مسترشد، والتأكد من تلبية حاجاته وظروفه الخاصة.
- صعوبة حفظ خصوصية المسترشدين، والحفاظ على سرية المعلومات التي يتبادلونها في المجموعة.
الإرشاد الجماعي هو مفهوم متطور ومتجدد، يتأثر بالتغيرات الاجتماعية والثقافية والعلمية والتربوية التي تحدث في العالم. يمكن تتبع تطور مفهوم الإرشاد الجماعي عبر التاريخ إلى عدة مراحل رئيسية، وهي:
- المرحلة الأولى: مرحلة التوجيه المهني. بدأت هذه المرحلة في أوائل القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تركز على مساعدة الأفراد في اختيار المهنة المناسبة لهم وفقًا لميولهم وقدراتهم وظروفهم. كان فرانك بارسونز Frank Parsons هو رائد حركة التوجيه المهني، وقد قام بتطوير نظام ثلاثي للتوجيه المهني، يتضمن دراسة الذات، دراسة المهن، والتطابق بين الذات والمهن.
- المرحلة الثانية: مرحلة التوجيه التربوي. بدأت هذه المرحلة في منتصف القرن العشرين، وكانت تركز على مساعدة الطلاب في التكيف مع بيئة المدرسة والتغلب على صعوبات التعلم والسلوك. كان جون دوير John Dewey هو أحد أبرز المؤثرين في هذه المرحلة، وقد أكد على أهمية تطبيق المنهج التجريبي في التعليم، وإشراك الطلاب في حل المشكلات، وتنمية التفكير النقدي.
- المرحلة الثالثة: مرحلة الإرشاد النفسي. بدأت هذه المرحلة في أواخر القرن العشرين، وكانت تركز على مساعدة الأفراد في فهم ذاتهم وانفعالاتهم وحاجاتهم، وتطوير شخصياتهم وقدراتهم. كان كارل روجرز Carl Rogers هو أحد أبرز المؤثرين في هذه المرحلة، وقد قام بتطوير نظرية الإرشاد الإنسانية، التي تؤكد على دور المستشار كشخص حساس وصادق ومستقبِّل للعميل دون شروط.
- المرحلة الرابعة: مرحلة الإرشاد الجماعي. بدأت هذه المرحلة في أوائل القرن الحادي والعشرين، وتستمر حتى الآن، وتركز على مساعدة مجموعات من الأفراد يتشاركون في مشكلة أو حاجة مشتركة، من خلال جلسات جماعية تتيح لهم التفاعل والتواصل والتعلم من بعضهم البعض. يقوم المرشد بدور الميسر والقائد والمثال للمجموعة، ويساعدهم على تطوير قدراتهم وحل مشكلاتهم بطريقة إبداعية وفعالة.
لتحقيق الإرشاد الجمعي في الحي او الجيران او بين اي مجموعة من المسترشدين بإتباع بعض الخطوات والمهارات، مثل تحديد الهدف والفئة والموضوعات، وتحديد عدد وانتقاء المسترشدين، وتحديد مكان وزمان ومدة الجلسات، وتحديد أسلوب أو طريقة الإرشاد، وتحديد دور المرشد في الإرشاد.
وان يكون ذلك واضحاً لجميع المسترشدين دون استثناء لالزامهم بإتباع القوانين والشروط.
وعلى المرشد التحكم في المجموعة، بأن يلتزم بالخطوات والمهارات الآتية:
- تحديد الأهداف والقواعد والتوقعات للمجموعة منذ البداية، والتأكد من موافقة والتزام الأعضاء بها.
- تشجيع المشاركة والتفاعل والتعاون بين الأعضاء، والاستماع بانتباه واحترام لآرائهم ومشاعرهم.
- تقديم التغذية الراجعة الإيجابية والبناءة للأعضاء، والإشادة بجهودهم وإنجازاتهم.
- التعامل مع المواقف الصعبة أو المشكلات التي قد تحدث في المجموعة، مثل الصراعات أو الخلافات أوالانحرافات، بطريقة هادئة وحكيمة.
- استخدام أساليب وطرق متنوعة ومناسبة للإرشاد الجمعي، مثل التمثيل النفسي والمسرحي، أو المناقشات الجماعية، أو التدريبات السلوكية أو المهارية أو الإدراكية.
هناك العديد من الأساليب والطرق التي يمكن استخدامها في الإرشاد الجمعي، مثل:
- التمثيل النفسي والمسرحي: يستخدم التمثيل كوسيلة لإظهار وتحليل المشكلات الانفعالية أو الاجتماعية التي يعاني منها المسترشدين، والبحث عن حلول عملية لها.
- المناقشة الجماعية: يستخدم المناقشة كوسيلة لطرح موضوعات أو قضايا تهم المسترشدين، والحوارحولها بطريقة منطقية ونقدية.
- التدريب السلوكي: يستخدم التدريب كوسيلة لتعديل أو تغيير سلوك المسترشدين الغير مرغوب فيه، واستبداله بسلوك مرغوب فيه.
- التدريب المهاري: يستخدم التدريب كوسيلة لتطوير أو تحسين مهارات المسترشدين في مجالات مختلفة، مثل المهارات الاجتماعية أو الإدارية أو التعليمية.
- التدريب الإدراكي: يستخدم التدريب كوسيلة لتصحيح أو تغيير طريقة تفكير المسترشدين الغير منطقية أو سلبية، واستبدالها بطريقة تفكير منطقية أو إيجابية.
ولا بد من التنويه عن التحذيرات المهمه عند استخدام الإرشاد الجمعي من اول توفير بيئة آمنة وتشجيعية تسمح بالتفاعل والتعلم والتطوير. ولكن هذا الأسلوب لا يصلح لكل الحالات، فهناك بعض التحذيرات التي يجب مراعاتها قبل استخدامه:
- لا يستخدم الإرشاد الجمعي مع الحالات التي تحتاج إلى درجة عالية من السرية والخصوصية، مثل الانحراف الجنسي أو الإدمان على المخدرات أو الهستيرية أو الاكتئاب.
- لا يستخدم الإرشاد الجمعي مع المسترشدين الذين لا يمتلكون مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين، أوالذين يعانون من خوف شديد من التحدث في المجموعات، مثل حالات الفوبيا الاجتماعية.
- لا يستخدم الإرشاد الجمعي مع المسترشدين الذين لا يشاركون في المشكلة أو الهدف المشترك، أو الذين لايقبلون بالقواعد والأهداف والأدوار المحددة للجماعة.
- لا يستخدم الإرشاد الجمعي إلا بعد دراسة دقيقة لخصائص وحاجات المسترشدين والتأكد من توافقهم وقبولهم بالإرشاد الجمعي، وبعد تحديد عدد المسترشدين وزمن ومكان وطريقة الإرشاد.
- لا يستخدم الإرشاد الجمعي دون تأهيل المرشد نفسه وتطوير مهاراته في قيادة وإدارة المجموعات، وفهم دوره كمسهل وقدوة وليس كسلطة أو قضاء.
الإرشاد الجماعي هو عملية تفاعلية بين مرشد ومجموعة من المسترشدين يشتركون في مشكلة أو هدف معين، ويهدف إلى تحسين الصحة النفسية والتكيف الاجتماعي لأفراد الجماعة. الإرشاد الجماعي له مزايا وعيوب، ومن أهم مزاياه أنه يوفر فرصة للتعلم من تجارب الآخرين، ويزيد من الشعور بالانتماء والدعم والتقدير، ويساعد على تطوير المهارات الاجتماعية والاتصالية. من عيوب الإرشاد الجماعي أنه قد يثير بعض المشاعر السلبية كالحرج أو الخوف أو الغيرة، وقد يتأثر بعض المسترشدين بالضغط الجماعي أو التحولات الانفعالية، وقد يحتاج المرشد إلى تدريب خاص للتعامل مع التحديات التي تواجهه في قيادة الجماعة.
إن الإرشاد الجماعي هو أحد أساليب التدخل النفسي التي تستخدم في مختلف المجالات التربوية والصحية والاجتماعية، وهو يقدم فوائد كثيرة للأفراد الذين يبحثون عن حلول لمشكلاتهم أو تحقيق أهدافهم. ولكن لكي يكون الإرشاد الجماعي فعالاً، يجب أن يتوافق مع احتياجات وخصائص المسترشدين، وأن يتبع خطوات وضوابط محددة، وأن يستخدم المرشد استراتيجيات وتقنيات مناسبة لإدارة الجلسات الإرشادية. كما يجب أن يكون المرشد على دراية بالمزايا والعيوب التي قد تصاحب عملية الإرشاد الجماعي، وأن يحاول تقليل المخاطر وزيادة المكاسب.
لمزيدًا من المعلومات عن الإرشاد الجمعي، يمكنك زيارة هذه المصادر:
1- Psychotherapy: Understanding group therapy : المقال يشرح مفهوم وفوائد وتحديات الإرشاد الجمعي، وكيفية اختيار المجموعة المناسبة لك.
2- Better Together? 5 Benefits of Group Therapy | Psych Central: هذا المقال يستعرض خمس فوائد للإرشاد الجمعي، مثل زيادة التأزير، وتطوير المهارات، وتغيير التفكير.
3- Group therapy: benefits and challenges of working with multiple clients: هذا المقال يناقش بعض المزايا والتحديات التي تواجه المستشار عند العمل مع عدة عملاء في نفس الوقت، مثل التخطيط، والإدارة، والتقييم.
4- Top 25 Advantages and Disadvantages of Group Counseling: هذا المقال يسرد 25 مزية وعيبًا للإرشاد الجمعي، مثل التفاهم، والإستفادة، والإستجابة.