طفلي عنيف ماذا أفعل؟

بقلم د. دجانة بارودي
العنف لدى الأطفال منه عنف لفظي (الصراخ، أو الشتائم والمسبات) وعنف جسدي (ضرب أو تخريب). غالبا يكون العنف نتيجة لوالدية غير فعالة، وغالبا يكون العنف مصحوبا بمشكلات سلوكية وتطورية مختلفة منها كثرة الحركة ومشاكل تعليمية والاندفاعية وأحيانا تدني كبير في تقدير الذات وقد يكون في أحيان قليلة نتيجة الاكتئاب عند الأطفال.
للعنف مسببات منها التربوية والنفسية والاجتماعية.
أما الأسباب التربوية:
بسبب وجود مشكلات أسرية، عنف من قبل الوالدين، تعدي الطفل الأكبر واتخاذ العنف أسلوب للتعامل في المنزل. إهمال الوالدين للطفل، أو تحميله مسؤوليات كبيرة بالاهتمام بأخوته. كما قد يلجأ بعض الأطفال المحرومين إلى اتخاذ العنف وسيلة للحصول على مالا يستطيع الحصول عليه. ضعف بتعلم الحدود الشخصية. مشاهدة الأفلام العنيفة وممارسة الألعاب الإلكترونية العنيفة.
الأسباب الاجتماعية:
حب فرض السيطرة والتنمر عليه أو استمتاعه بأن يظهر قويا أمام الآخرين. اخاذ قدوات من أشخاص تمارس العنف كالممثلين أو المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي. ضعف شديد بالذكاء العاطفي ووجود نقص وضعف بالمهارات الاجتماعية.
الأسباب النفسية:
وجود فرط بالحركة مصاحب لقلة التركيز الاندفاعية الشديدة، مشاكل بالتكيف مع الضغوطات الحياتية، المزاج المتقلب، مشكلات بسبب صدمات قاسية مر بها الطفل كفقد الوالد، أو رؤية مشاهد دامية نتيجة حرب أو كارثة طبيعية.
متى تحتاج مراجعة المختص النفسي:
عندما يكون العنف الطريقة الوحيدة لحل المشكلات والتواصل مع حوله. عندما يؤدي العنف إلى إيذاء واضح كجروح وإصابات جسدية متكررة، وعندما يكون العنف تجاهك كمربي.
ماذا تفعل كولي أمر:
كثير من الآباء والأمهات يشكون من عنف الابن مع ما يسببه لهم من ازعاج وضيق وحرج أمام الآخرين، أو في المنزل المشحون بالخلافات والنزاعات، وعندما نطلب منهم التغيير والتعديل تجد الأهل يلتزمون لأيام بسيطة ثم يعاودون الرجوع إلي عاداتهم القديمة المسببة للعنف. لابد من معرفة أن أي برنامج سلوكي للتعامل مع العنف يحتاج من الأهل الاستمرار والصبر والمثابرة إلى أن تظهر النتائج. وعموما اتبع النصائح والإرشادات التالية كبرنامج سلوكي يساعدك في التقليل من العنف لدى ابنك.
- حدد برنامجا شخصيا للطفل يشتمل بداية على أن تكون قدوة حسنة في الهدوء وضبط الأعصاب والتحكم بالنفس. مارس الهدوء وضبط الانفعال قبل أن تطلبه من الطفل. امتنع تماما عن الصراخ في البيت بالفترة التي تبدأ بها علاج مشكلة طفلك، ثم حاول أن يكون أسلوبك هادئا بشكل مستمر.
- غالبا يكون العنف بسبب الشعور بالقهر أو الظلم، فيعبر عنه الطفل بالغضب ويفسره بعنف لفظي أو جسدي. عالج أسباب الغضب، ويكون علاج الغضب بمعرفة أسبابه. اسأل الطفل باهتمام وعندما يكون هادئا عن الأسباب التي تؤدي به إلى الغضب. تكلم عن طرق يمكن أن يستفيد منها كلما غضب.
- العب مع طفلك، الكثير من الأطفال لا يعرف كيف يلعب، كن قدوة وعلمه بشكل غير مباشر.
- حدد قوانين وضع ضوابط واضحة لهذه القوانين، فعندما تقول " لا" فيجب أن تكون "لا" محددة ومعرفة السبب ولا يمكن التراجع عنها، غير ذلك لا تقل "لا" إلا إذا كنت تعنيها فعلا.
- تكلم مع طفلك بمواضيع مختلفة، حاوره اسأله ناقشه، أخبره بقصصك وحكاياتك. لا تتكلم عنه أو توجه له النقد والعتب والأوامر فقط. فحاجة الطفل للنقاش والحوار وخصوصا عند الطفل العنيف أكبر بكثير من الطفل العادي.
- امنع الألعاب الالكترونية التي فيها عنف وخصوصا قتل الأشخاص، أو السيطرة على العالم، أو حتى قتل الحيوانات وصيد الحمام.
- توقف عن مشاهدة الأخبار أمام الطفل، حتى لو لم يكن منتبها قد يلفت نظرة أنك ألفت الاستماع إلى القتل والضرب والحرق وغيرها من الأخبار التي ستؤذيه حتما.
- علم الطفل مهارات حل المشكلات، واستخدام البدائل للتعبير عن الغضب، يمكن أن يبدأ الطفل بتعلمها منذ الثلاث سنوات، اسأله ماذا تفعل.
- كافأ الطفل كلما مر أسبوعا كاملا دون أن يعنف به أحد بشيء محبب له.
- ابتعد عن ضرب الطفل وتعنيفه بالكلام وإلقاء عبارات مؤذية له مثل "ياليتك غير موجود" أو "أنت سبب مشاكلي" أو غيرها من العبارات التي تؤدي إلى شعور كبير بالضغط يترجمه الطفل على شكل نوبات عنف.
- بدلا من قول ممنوع أو توقف عن فعل شيء معين أعط الطفل بدائل، فبدل أن تقول لا تضرب يمكنك أن تقول "تكلم معه"، "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، "كن لطيفا" "احترم أختك" وغيرها.
- لا عذر أو تبرير مقبول للعنف، فلا تقبل إن أبلغك الطفل مثلا "ضربته لأنه كسر لعبتي أو لأنه لا يسمع كلامي" علمه أنه يمكنه أخذ حقه بطرق صحيحة وسليمة.
- ضع قوانين واضحة في المنزل، يمكنك كتابتها وتعليقها على الحائط، كما يمكنك الاتفاق عليها مع الطفل. من أهم القوانين "أتكلم بهدوء" و "أبتعد عن كل ما يؤذي الآخر". كن حازما بتطبيق القانون، بمعنى أنه إذا أراد الطفل أن يضربك امسك يديه واردعه بحزم (الحزم يعني الجدية مع صوت منخفض)، لا تضحك بوجهه أبدا مهما حاول، اترك المكان وأظهر انزعاجك منه. المهم أن تبقى محافظا على سيطرتك عند انفعالك منه.
- تعلم أن للعنف مراحل خمس حاول أن توقف تطور العنف من مرحلة للتي تليها.
• المرحلة الأولى هي المحفز لاحظ الأسباب التي تجعل طفلك يفقد السيطرة على نفسه. أوقفها قبل العمل بها. قد يكون الجوع أو التعب، أو رفض تنفيذ الأوامر أو غيرها من الأسباب.
• المرحلة الثانية هي التجربة حيث يبدأ الطفل بمحاولة الحصول على مكاسب، "إذا صرخت أحصل على ما أريد" أو "إذا ضربت يبتعد عني الناس" "إذا خربت سأحصل على اهتمام والدتي" وهكذا. لذلك عليك بإطفاء هذا السلوك من خلال عدم إعطائه ما يريد. كن "باردا" ولا تنفذ طلباته إذا صاحبها عنف. عادة يجرب الطفل بشئ خفيف مثال ذلك صراخ بسيط، ثم يرفع الصوت إلى أن يصل إلى حدود يفقد بها الوالدين تحكمهم بنفسهم. أو أنه يبدأ بشتائم خفيفة ويزيد منها أو من سوئها تدريجيا، فيحصل على اهتمام والده عندها يحدثه أو يحاوره أو حتى يوبخه.
• المرحلة الثالثة التأثر، في البداية يتأثر الطفل من إيذاء غيره، ثم يصبح بلا مشاعر عندما يعتاد استخدام العنف. استفد من أنه مازال يشعر بسوء ودرجة أذاه للآخر بأن يصحح ويخفف الأذى لتحافظ على هذه المشاعر. يمكنك أن تعلم بوجود هذه المشاعر من خلال النظر إلى عينيه، فإن كانت عيونه باردة متبلدة أثناء عنفه فهذا يدل على أن الحديث عن المشاعر معه بات متأخرا، حول الحديث معه بدلا من أن تقول "انظر لقد تألمت" إلى حديث منطقي عقلاني "إذا شعرت بالغضب يمكنك شرب الماء أو أخذ نفس عميق" أو "ليس المقابل لك مكب نفاياتك، إن أنت معصب يمكنك تفريغ عصبيتك مع نفسك".
• المرحلة الرابعة العادة إذا اعتاد الطفل استخدام العنف للتعبير عن الغضب أو الخوف أو الامتعاض فلابد من محاولة كسر هذه العادة وذلك باتخاذ خطوات متتالية. أهم ما في كسر عادة العنف هو أن يعرف المربي أنه لابد من الصبر والاستمرار بالصبر لشهر على الأقل، وأن أي تقدم أو تطور لابد أن يمدح ويتم التركيز عليه. فإذا كان الطفل عنيفا بشكل يومي، وأصبح عنيفا ثلاث مرات في الأسبوع، فإن هذا يعتبر تقدما واضحا، فلا تتوقع أن تقل عدد مرات ممارسة العنف إلى الصفر بمرة واحدة. أثن على يوم هادئ مسالم دون عنف، ثم امدح مرور يومين بدون عنف، ولو في اليوم الثالث أخطأ وقام بعنف لفظي أو جسدي، ذكره أنه استطاع أن يتحكم بنفسه وأعصابه ليومين كاملين وأنه يحتاج أن يرجع إلى الطريقة
• المرحلة الخامسة الندم إذا شعر الطفل بأثر العنف الذي قام به لابد من استثمار هذه الحالة ليشعر بالندم والتحدث معه مباشرة بأهمية أن يفكر قبل أن يتصرف وأنه إذا غضب فعليه الابتعاد في المرات القادمة بدلا من أن يتصرف تصرفا يندم عليه لاحقا.
- ذكر الطفل بأحاديث الرسول التي تدعو إلى السلم والسلام "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" أو "ليس الشديد بالصرعة".