لمن تعاني من تأخر الزواج

إعداد أ. شروق الخلف
في داخل كل فتاة رغبة شديدة بأن تتزوج وتصبح لديها عائلتها المستقلة، فإن تأخر حصول هذه الرغبة ينتابها القلق وقد تهجم عليها الوساوس السلبية وتسبب لها الاكتئاب وتشعرها بأنها ستعاني من العنوسة طوال الحياة، مما يسبب لها آثارا مجتمعية ضارة، لذلك على الفتاة ألا تستسلم لهذه الوساوس وألا تفسح المجال لهذه الأفكار الضارة وأن تتصدى لها بالأفكار الإيجابية والقناعات التي تأتي بالراحة النفسية والسعادة القلبية، وخصوصا أنه قدر ونصيب من الله. ومن الأفكار الداعمة والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
• على الفتاة ألا تخاف من مضي الزمان وتقدم السن، ولتسأل كل فتاة تظن نفسها، من قال لك أنها تأخرت على الزواج وسعادته؟
فالعبرة أبدا ليست في توقيت الزواج، وليست في الزواج بحد ذاته، بل هي في الزوج الصالح المناسب، وفي جاهزيتها للزواج، فكم من فتيات تزوجن في أول العشرينات، ولكنهن لم يوفقن بزواجهن، ومنهن من تذوقن التعاسة في حياتهن، ومات لديهن الشعور بأنوثتهن "بالرغم من زواجهن!"، لذا على الفتاة أن تثق بالله تعالى أنه يخبئ الخير لها في التوقيت الصحيح، فالعبرة في نوعية الزواج أكثر من توقيته، وعليها أن تتأكد أن الله سيعطيها حتى يرضيها، لكن عليها أن تقوي ثقتها به، وأن تتذكر الحديث القدسي الذي يقول (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء).
• كل مرحلة في الحياة لها أهميتها الخاصة، وإن ولّت لن تعود، فلتحاول الفتاة أن تستغل هذه المرحلة بتطوير مهاراتها وتطوير ذاتها، فلتستمتع بحياتها إلى أقصى حد، ففيها من الفرص واللحظات المختلفة التي قد لا تتوفر بعد الزواج.
• عليها أن تقوم بتغيير وجهة نظرها وأن تحاول أن تجد طرقا للتغلب على الوحدة والشعور بالتحسر والانعزال لكونها غير متزوجة، هذا سوف يساعدها في تخطي مشاعر الاكتئاب، وذلك لأن شعور الوحدة يرتبط بالانعزال، والذي يؤدي إلى عدم الشعور بالدعم، وانخفاض المناعة، وسوء النوم، وزيادة مشاكل الصحة النفسية.
فعليها أن تعمل على استبدال أفكار "لن يحدث لي هذا أبدًا" بأفكار "سيحدث في النهاية مع الشخص المناسب"، ولتكثر من الخلطة الإيجابية مع الأصدقاء الجيدين والرفقاء الإيجابيين لتتغلب على شعور الانعزال.
• عليها أن تعمل على أهدافها، فمثلا إذا كانت تشعر بالإحباط بسبب الشعور بالوحدة فلتبحث عن أهداف أخرى للعمل عليها بعيدًا عن العلاقات العاطفية، وذلك مثل:
- أخذ فصل دراسي وتعلّم شيء جديد.
- الاحتفاظ بدفتر يوميات، وتتبع الأشياء التي ترغب في تحسينها.
- تعلّم لغة جديدة أو ممارسة هواية جديدة.
- السعي في تحقيق أهدافها المهنية، أو التعليمية، أو العائلية.
• على الفتاة أن تتوقف عن المقارنة إذا كانت تشعر بالاكتئاب بسبب عدم الزواج، فلا تقارن نفسها بالأشخاص المتزوجين أو الذين في علاقات سليمة وصحية؛ حيث أنها لا تعرف حقيقة علاقتهم التي لا يظهرونها، ولذلك عليها أن تتوقف عن المقارنات، وأن تركز على إيجاد السعادة في حياتها وإنجازاتها.
• المحافظة على العلاقات الأخرى مثلا العلاقة مع أفراد العائلة والأصدقاء، فهذه العلاقات تعتبر علاقات جيدة ومهمة لرفاهيتها وصحتها النفسية، فعليها ألا تتجاهلها، وأن تركز على تقوية الروابط الاجتماعية غير الرومانسية، وذلك مثل:
- وضع خطط مع الأصدقاء، وقضاء الكثير من الوقت معهم.
- العمل على بناء علاقات اجتماعية جديدة وتكوين صداقات جديدة.
- الانضمام إلى مجموعات عبر الإنترنت لأحد الأنشطة أو الهوايات التي تستمتع بها.
- المشاركة في النادي الرياضي أو في أي نشاط رياضي تستمتع به.
• التركيز على فوائد حياتها فعلى الرغم من الشعور بالوحدة أو الانعزال، قد تكون لها فوائد كثيرة، ومنها:
- قضاء المزيد من الوقت في العثور على العلاقة الصحيحة، بمعنى أنها قد تجد شريكًا مناسبًا لها بشكل أكبر.
- توفر المزيد من الوقت لمتابعة الأهداف الحياتية مثل الحصول على التعليم، أو تطوير مهنة.
- توفر المزيد من الوقت للتعرف على التفضيلات والاحتياجات الصحية والنفسية.
• التحكم بما تستطيع من أمور الحياة وتفويض ما لا يستطاع لله:
لا يمكن للفتاة التحكم في جميع الأمور بالحياة، وقد يكون عدم الزواج واحدة من هذه الأمور التي لا يمكنها التحكم به؛ لذلك على الفتاة ألا تفكّر كثيرًا بها أو تقضي حياتها وهي تسعى للزواج، ولتنظر في جوانب أخرى من حياتها حتى يأتي الوقت المناسب والشخص المناسب للزواج منها. فبدلًا من أن تجلس وتفكر في الزواج، وكيف أنها تشعر بالحزن والوحدة عليها أن تحاول أن تبحث عن معنى لحياتها، ولتحرص أن يكون معنى جيدًا وإيجابيًا، وذو تأثير جيد على الآخرين.
• إعادة بناء الهوية الخاصة بها دون ربطها بتأخر الزواج وبالمسميات التي يفرضها المجتمع عليها "كالعانسة مثلا"، ولتحرص أن تتمتع بالمرونة النفسية الكافية لإعادة بناء هويتها بطريقة مميزة من خلال تحقيق التوازن بين كونها عزباء والاستمتاع بكل الميزات التي تأتي مع ذلك؛ وبين كونها تشعر بالوحدة وترغب في الحصول على شريك لحياتها.
• التوقف عن انتقاد الذات أو التعامل بقسوة مع النفس بسبب عدم الزواج، والعمَل على تعزيز الشعور بالرضا عن النفس والهوية وما أصبحت عليه، والانشغال بالعمل الخاص وممارسة الهوايات، فهذه نقطة مفيدة، تشعر الفتاة بأن وقتها مليء بالأشياء المفيدة والممتعة، والتي بالمقابل تشغلها نوعا ما عن الفراغ العاطفي الذي تعيشه، وهذه الانشغالات ستعزز من شعورها بأنها إنسانة منجزة ومنتجة في الحياة، ولديها الدائرة الاجتماعية التي تؤثر بها، مما سينعكس ذلك إيجابا على تعزيز ثقتها بنفسك، وهذا ما تحتاجه تماما عندما تؤثر فكرة عدم الزواج إلى الآن على خفض المعنويات والثقة بالنفس.
• التركيز قدر الإمكان على الموجود، وعدم التركيز على المفقود، عليها أن تتذكر أن العديد من الفتيات المتزوجات من يتمنين أن يكن لهن حياتهن الخاصة من عمل أو حرية مالية أو ممارسة الهوايات مثلها، لذا عليها الاستمتاع بحياتها الحالية والاستفادة من كل الخبرات الحياتية التي تمر بها والتأكد أن الله تعالى يهيئها بخبراتها الحالية التي تكتسها لتكون جاهزة لخوض خبراتها وتجاربها القادمة بنجاح.
• ومن الأمور التي تعين كثيرا على تجاوز مشاعر القلق ونوبات الحزن التي تمر بها بسبب عدم الزواج، هي الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، وقوة الإيمان والثقة واليقين بعطاء الله.
• تغيير طريقة التفكير أو الشعور تجاه الجنس الآخر، مع الإكثار من الصوم.
• المحافظة على الحياة الاجتماعية زاخرة ومليئة بالعلاقات الاجتماعية الإيجابية.
• كتابة المشاعر وتدوينها في دفتر أو مدونة مخصصة لها؛ للتخلص من أي مشاعر أو أفكار سلبية تشعر بها.
• التنزه بالطبيعة يحفز على التواصل مع البيئة المحيطة والاستمتاع بالهدوء.
• متابعة وحضور دورات الدعم النفسي التي تساعد على تطوير الذات وتمكين المهارات الاجتماعية التي تساعد على المحافظة على المرونة النفسية.
وعلى الفتاة أن تعلم أن الزواج نوع من أنواع الرزق، رزق من الله، يمنحه لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء، والله تعالى بعباده خبير بصير يعطيهم ويقدر لهم ما فيه الخير لهم، وأمر المؤمن كله له خير في السراء والضراء، فالتي تزوجت في توقيت معين فهذه لحكمة الله أن الزواج في ذلك التوقيت ينفعها وفيه خير لها، أما من لم تتزوج إلى الآن، أي منع عنها الزواج ولم توفق للزواج بالرغم من بذل الأسباب، فإن الله يعلم الغيب، ويعلم أن الزواج لا خير فيه لها في هذا الوقت، وأنه صرف عنها السوء والشر في ذلك التوقيت.
وختاما: أدعو الله لكل فتاة عزباء أن يسوق لها الخير في حياتها ويرزقها راحة البال، وأن يرزقها ما تتمنى وأن يجعلها سببا لسعادتها في الدارين.