الشغف هو حالة من الانغماس العاطفي العميق والحماس القوي تجاه شخص أو نشاط أو فكرة، يعتبر القوة الدافعة التي تُلهم الشخص وتدفعه للاستمرار والمثابرة في ملاحقة هدف معين أو تحقيق غاية محددة، بغض النظر عن التحديات والصعوبات التي قد تواجهه. غالباً ما ينبع من داخل الشخص وليس نتيجة لضغط خارجي. يحقق الشغف لدى صاحبه شعور بالرضا والالتزام الذي يحفز على الاستمرار. كما أن صاحب الشغف من النادر أن يحبط أو يستسلم أثناء رحلته لتحقيق هدفه، حيث أنه يجد متعة كبيرة في متابعة شغفه. ويختفي معه بالعادة الإحساس بالوقت والجهد.
يتعلق الشغف بالهوايات والاهتمامات الشخصية مثل القراءة، الرسم، الموسيقى، الرياضة، أو أي نشاط يمنح الفرد شعوراً بالرضا والبهجة، كما أنه يظهر في العمل أو المهنة التي يختارها. عندما يكون الفرد شغوفاً بعمله، يكون أكثر إنتاجية وابتكارا. يمكن أن يكون الشغف رومانسياً أو عائلياً أو صداقة عميقة تجعل الفرد يشعر بالاتصال والارتباط العاطفي، كما أنه يتمحور حول البحث والمعرفة واكتشاف الأفكار الجديدة. الأشخاص الذين يتمتعون بشغف فكري يستمتعون بالقراءة والتعلم المستمر والتفكير النقدي.
وجود الشغف يرتبط بالشعور بالسعادة والرضا، مما يعزز الصحة النفسية ويقلل من مستويات التوتر والقلق.
ما هو فقدان الشغف؟
عندما يتم فقدان الشغف، فإن الإنسان يكون في حالة نفسية يشعر فيها بفقدان الاهتمام والدافع تجاه الأنشطة والأشياء التي كانت تجلب له السعادة والرضا. يمكن أن يؤثر فقدان الشغف على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك العمل، والهوايات، والعلاقات الشخصية، وحتى المهام اليومية البسيطة.
يبدأ الشعور بفقدان الشغف نتيجة تغيرات مزاجية في العادة، وارتبط حديثا لدى الشباب بشكل كبير كونه يتأثر من وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح يردد هذه الكلمة دون فهم مغزى أن يفقد الإنسان شغفه. أما كون فقدان الشغف مشكلة نفسية فإنه يرتبط عادة بمشكلات ذات عمق أكبر تبدأ بالظهور كشعور باللامبالاة تجاه الأنشطة التي كانت تثير اهتمامه سابقاً. كما أنه يرتبط بفقدان الطاقة أو الشعور بالتعب والإرهاق المستمر حتى دون بذل جهد كبير. ولا يعتبر مشكلة حقيقية إلا إذا عاني صاحبه من فقدان القدرة على التواجد بين الناس ويصبح فاقد الشغف معتزلا ومتجنبا التفاعل مع الآخرين، أو أنه يؤثر على انخفاض في الأداء العام في العمل أو الدراسة، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف. بالإضافة إلى ذلك، قد تصاحب هذه المظاهر شعور بالحزن والقلق المستمر. وعليه يجب الحذر من استخدام المصطلح والتحدث به كمشكلة إن لم يكن مصاحبا لأعراض أخرى.
وعادة يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود مشكلة في الإدمان الالكتروني، فهناك علاقة طردية بين فقدان الشغف والإفراط باستخدام الأجهزة الإلكترونية والإدمان عليها.
لماذا يصاب المرء بفقدان الشغف؟
فقدان الشغف هو حالة نفسية يمكن أن تنجم عن مجموعة متنوعة من الأسباب، تتداخل فيها العوامل النفسية والجسدية والاجتماعية التي منها:
1. التعرض المستمر للضغوط النفسية والجسدية مما يؤدي إلى استنزاف الطاقة والموارد العقلية ويجعل الشخص مباليا تجاه الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقا.
2. الاكتئاب، حيث يعتبر فقدان الشغف واحد من أعراضه ، حيث يصاب المكتئب بفقدان الاهتمام والمتعة في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الأنشطة التي كانت تجلب لهم السعادة.
3. الإرهاق الناتج عن العمل المفرط أو قلة النوم يمكن أن يؤدي إلى فقدان الشغف، الشعور بالتعب المستمر يحد من القدرة على الاستمتاع بالأنشطة والتركيز عليها.
4. الروتين الممل والقيام بنفس الأنشطة بشكل متكرر.
5. التعرض للفقدان أو الصدمة، كوفاة شخص عزيز أو فقدان وظيفة، وعدم القدرة على التكيف مع التغييرات التي حدثت في الحياة مما تسبب تؤثر على الاستمتاع بالحياة كما كان من قبل.
6. العزلة الاجتماعية وعدم وجود دعم من الأصدقاء والعائلة يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالوحدة وفقدان الشغف حيث قد يشعر الشخص بأن جهوده غير معترف بها أو أنها غير مقدرة.
7. بعض الأمراض الجسدية، مثل الأمراض المزمنة، حيث يمكن أن تؤثر على مستويات الطاقة والمزاج، مما يجعل الشخص يشعر بالتعب واللامبالاة.
8. وضع توقعات غير واقعية أو أهداف غير قابلة للتحقيق يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالإحباط بسب عدم القدرة على تحقيق ما يطمح إليه، لذا قد يفقد الدافع للمحاولة.
كيف تستطيع التعامل مع فقدان الشغف؟
يمكن التغلب على حالة فقدان الشغف عن طريق بعض الخطوات والإرشادات العملية، ومنها:
1. تحديد الأسباب التي تؤدي إلى حالة فقدان الشغف هو الخطوة الأولى في التعامل معه، يمكنك معرفة المسبب عن طريق طرح بعض الأسئلة وإجابتك عليها.هل هناك ضغوط معينة تؤثر على حالتك النفسية؟ هل تعاني من الروتين الممل أو الإرهاق؟
2. الاعتناء بالصحة الجسدية حيث ترتبط الصحة الجسدية بالصحة النفسية ارتباطًا وثيقًا، لذلك عليك التأكد من النوم بشكل كافي وتناول وجبات طعام متوازنة بالإضافة للممارسة الرياضة بانتظام.
3. تجربة أنشطة جديدة للتغيير من الروتين اليومي كالخروج مع الأصدقاء وتناول وجبة جديدة.
4. مشاركة المشاعر مع أشخاص موثوقين، فالتواصل مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير.
5. وضع أهداف ذكية تكون محددة وقابلة للتحقيق ثم القيام بكتابة ما تم تحقيقة ليكون محفزاً، ووضع أهداف قصيرة المدى يمكن أن تتحقق خلال فترة زمنية قصيرة، ثم إطالة المدة بين الفترة والثانية.
6. ممارسة التأمل لبضع دقائق يوميًا يمكن أن يساعد في تحسين التركيز والهدوء الداخلي.
7. مكافأة النفس على الإنجازات البسيطة، يعطيها حافز للاستمرار والبذل والمحاولة وعدم الاستسلام.
متى يكون طلب المساعدة التخصصية ضرورة؟
التوجه إلى أخصائي نفسي يمكن أن يكون خطوة هامة لتحسين الصحة النفسية بحال تم تطبيق الخطوات السابقة ولم يحدث أي تحسن يذكر. أو عند الشعور كنت تشعر بأنه يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية مثل العمل أو الدراسة أو العلاقات الشخصية مع استمرار فقدان الشغف لمدة تزيد عن عدة أسابيع أو أشهر دون تحسن مع ظهور عدد من الأعراض الذي تم ذلك.